التدخين في الزراعة
التدخين la fumigation هو معالجة المادة مما لحقها من إصابة
بالآفات باستخدام تركيز مميت من مادة كيمياوية مبيدة واحدة أو أكثر من مواد
التدخين، التي يمكن أن تتحول تحت تأثير درجة حرارة وضغط معينين، إلى الحالة
الغازية، وتختلط بجزيئات الهواء وتنتشر في مكان محكم الإغلاق وفي الفراغات البينية
لحبيبات المادة المعالجة وفي أدق الشقوق داخل الحبوب المصابة.
مواد
التدخين وأنواعها:
يمكن تركيب كثير
من المواد الكيمياوية الطيارة في درجات الحرارة العادية وتكون سامة لعدة آفات
مختلفة، إلا أنه من الصعب إلحاقها مع مواد التدخين وذلك بسبب اكتسابها صفات غير
مستحبة، مثل عدم ثباتها كيمياوياً، أو لفعلها المخرش أو المؤدي إلى
تآكل المعادن والمطاط والبلاستيك، أو لأنها تترك آثاراً سامة في المواد المعالجة
وتكسبها صفات غير مقبولة، مثل اللون والرائحة والطعم وغيرها. كما قد
يكون الكثير منها مميتاً للنباتات والشتول والبذور، وما يتصل بالمواد القابلة للاشتعال أو الانفجار فيمكن
استعمالها بعد إضافة بعض المواد المختارة للتخفيف من سميتها أو التخلص منها،
وتستخدم في التدخين مواد كثيرة منها:
غاز سيانيد
الهدروجين HCN،
غاز برومور الميثيل CH3Br،
إيثيلين ديكلوريد C2H4Cl2،
تترا كلوريد الكربون CCl4،
الكلوروبيكرين، ثاني كبريت الكربون CS2 وبارادي
كلوروبنزين C6H4Cl2،
ديكلوروبروبين C3H4Cl2 وديكلوروبروبان C3H6Cl2.
ولا يزال البحث
عن مادة التدخين المثالية مستمراً، وقد تكون غير موجودة، وتبقى الجهود مركزة اليوم
على اختيار المادة الأصلح في كل معاملة، بحسب اعتبارات كثيرة، مثل الإمكانات
والتجهيزات المتوافرة، وطبيعة المادة المراد معالجتها، والشروط الجوية السائدة،
والمدة المتاحة لإجراء عملية التدخين، ورطوبة المادة وغيرها.
يجب على
القائمين بعملية التدخين أن يكونوا على دراية كافية بمواد التدخين المتوافرة ومدى
صلاحيتها لتدخين مادة محددة من دون المساس بخواصها المختلفة، وفي حال الاضطرار
لمعالجة مادة بمواد للتدخين غير معروفة تماماً فلا بد من إجراء تجربة مصغرة عليها
لبيان مدى إمكانية فاعليتها.
العوامل
المؤثرة في فاعلية التدخين:
للحصول على
النتيجة المطلوبة من عملية التدخين لا بد من مراعاة الكثير من النواحي الفنية
وأهمها:
أ ـ يعتمد
التدخين على تحول المادة المستخدمة إلى الحالة الغازية، وهناك كثير من مواد
التدخين السائلة التي تبدأ بالتبخر السريع عند وضعها تحت ظروف حرارة وضغط معينين
مما يؤدي إلى فقدان جزء كبير من حرارتها الكامنة اللازمة للتبخير وربما إلى تجمدها
في أنابيب التوصيل وإلى توقف عملية التبخير، لذلك لابد من وضع أنابيب التوصيل في
محم مائي لتعويض ما تفقده المادة من حرارتها وكي تستمر عملية التبخر للوصول إلى
التركيز القاتل بأقصر مدة ممكنة.
ب ـ تتناسب سرعة
انتشار الغاز عامة عكساً مع كتلته الجزيئية وكذلك فإن اختراقه لكتلة المادة
والوصول إلى أدق أعماق الشقوق فيها وإلى داخل الحبوب تعد أمراً مهماً جداً وسبباً أساسياً لاستعمال التدخين كبديل
لتقنيات المكافحة الأخرى التي لا يمكنها أن تؤدي دور عملية التدخين المذكور.
جـ ـ تحريك
الهواء: تتجمع مادة التدخين عند إطلاقها في قاع مكان المعالجة ويصير توزع
الغاز غير متجانس في المادة المراد معالجتها، لذلك لا بد من الاعتماد على نظام خاص
للتهوية على نحو يسهم في الحفاظ على استمرار تجانس الغاز، وذلك بإنشاء نظام تهوية
مغلق يعتمد على سحب الغاز من أسفل مكان المعالجة بعد إطلاقه من الأعلى على نحو
مستمر، إلى جانب استخدام مراوح مختلفة موزعة في أماكن مناسبة.
د ـ
الاشتراب sorption:
تُشترب في أثناء مدة التدخين كميات متباينة من الغاز بأجزاء المادة المعالجة و
يكون الاشتراب إما بادمصاص adsorption جزيئات
الغاز على سطوح المادة أو بامتصاص هذه الجزيئات إلى داخل المادة المعالجة وفي كلتا
الحالتين فإن الكمية المشتربة من الغاز تفقد فاعلية تأثيرها في الآفة عندما ينحصر
أمرها الأساسي في الجزيئات الحرة، لذلك يجب التحكم بالعوامل التي تخفف من حجم هذه
الظاهرة كرفع درجة الحرارة، أو تخفيف رطوبة المادة، أو تقليل حجم حمولة المكان أو
تعويض الكمية المشتربة بإطلاق كمية بديلة داخل مكان التدخين. وبعد فتح مكان
المعالجة تنطلق في بادئ الأمر الغازات الحرة وتبقى الغازات المشتربة مدة أطول في
المادة قبل انطلاقها.
هـ ـ ذوبان
الغاز في السوائل: يعد ذوبان الغاز من أهم العوامل التي تؤخذ بالاعتبار عند اختيار
مادة التدخين المناسبة، وذلك لأن قابلية الغاز للذوبان مثل غاز سيانيد الهدروجين،
تؤدي إلى خفض حيوية المواد مثل الشتول والشجيرات المعاملة، كما تؤثر في حيوية البذور وفي الكثير من
الخواص الفيزيائية والكيمياوية والغذائية للمواد كما ترتفع نسبة الآثار
السامة المتبقية فيها. كما أن بعض مواد التدخين مثل بروم الميثيل وغيره تذوب
في الزيوت، ومن المفضل عدم معاملة المواد الغنية بالزيوت بمثل هذه المواد.
و ـ التركيز
ومدة المعاملة: ترتبط سمية مادة التدخين للآفة بعاملين:
ـ التركيز
الفعلي (أو الحر) لمادة
التدخين ويختلف هذا التركيز باختلاف حساسية الأنواع وأطوارها.
ـ مدة التعرض
للغاز.
ويعبر عن سمية
مادة ما لمدخن ما بناتج جداء التركيز الحر للغاز × الزمن أو مدة التعرض للغاز ب ×
ز وتكون وحدة القياس غ/سا/م3.
مجالات
استخدام التدخين:
استخدم التدخين
قديماً في معالجة التربة ضد ما تحتوي عليه من أحياء ضارة بالمزروعات كالفطريات والحشرات
والديدان وفي مكافحة بذور الأعشاب الضارة في التربة ولمكافحة الحشرات التي تصيب الأشجار المثمرة بالتدخين تحت
الخيام.
ويستخدم اليوم
التدخين في الأمكنة المختلفة المخصصة للنقل مثل السفن والناقلات والشاحنات، وكذلك
الأماكن المخصصة للتخزين كالمستودعات والصوامع، كما يستخدم في معالجة الحشرات
والحَلَم في المواد المخزونة المختلفة (الحبوب
ومشتقاتها والتمور والفواكه المجففة والخضار الطازجة والشتول والدرنات والأبصال والسوق الأرضية وأنواع الأنسجة جميعاً).
وتجري عمليات
التدخين في أماكن التخزين وفي الموانئ ومراكز الحجر الزراعي إما تحت الضغط العادي
وإما تحت التفريغ.
الأخطار:
إن مواد التدخين
السامة للحشرات وغيرها، سامة للإنسان أيضاً، والأبخرة المستخدمة في مكافحة حشرات
المخازن أو آفات التربة خطرة على الإنسان، ويجب أن تتم عملية التدخين بإشراف
أشخاص مختصين في عملية التدخين وخواص الأبخرة وسميتها ومعالجة التسمم بها إذ لا بد
من الإطلاع على توصيات الشركة الصانعة واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة في أثناء
العملية كما أن لكثير من مواد التدخين صفة التخدير باستنشاقها للمرة الأولى، إذ
تؤدي إلى شل الأعصاب الحسية وإضعاف حاسة الشم عند الإنسان وعدم الشعور بها.
ولابد من
استعمال أقنعة وألبسة خاصة لحماية جميع أنحاء الجسم إذ إن غازات التدخين تدخل عن
طريق التنفس والجلد والعينين، كما يجب عدم التعرض لتراكيز عالية من الغازات، لمدة
طويلة ومحاولة إيجاد الأساليب التي تمكننا من إجراء العملية بأقل مدة ممكنة
لتعرض القائم بالعملية، كما ينصح بقيام فريق متخصص بالتدخين وعدم قيام شخص وحده
بالمعالجة.
ومن الضروري
الحذر من الأثر السام المتبقي للمادة الذي يتراكم بسبب سوء الاستخدام لمادة
التدخين التي تصير سامة للمنتج والمستهلك معاً. كما يجب تجنب أخطار حريق بعض
المواد مثل فوسفيد الألمنيوم في الأجواء الماطرة..؟
مراجع للاستزادة:
ـ حمزة بلال، آفات المخازن (نظري ـ عملي) (منشورات
جامعة دمشق 1990).
- H.A.U.MONRO, La fumigation en tant que
traitemens insecticide études agricoles de la FAO (N 50 318P 1962).
).!
اذا اعجبك الموضوع لاتبخل علينا بتعليق بسيط
الرجاء عدم نشر روابط عند التعليق على المنشورات وشكراً للجميع
EmoticonEmoticon